أخي وأختي في الله أوصيكم
أمّا بعد:
أخي في الله أوصيك ونفسي الأمّاره بالسوء
الحمد لله الذي خلق الخق لعبادته، فمنهم من أطاعه ومنهم من تكبر على طاعته، وقد أعدّ للعصاة ناراً وأعدّ للمتقين جنته، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وجميع صحابته..
أما بعد..
أخي في الله أوصيك أولاً بتقوى الله،
ومن تقواه أن تخلص كل أعمالك له سبحانه وتعالى، فبالإخلاص يكون الخلاص من الشرك وشوائبه التي قد تحبط العمل، قال الله تعالى (( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين ))
أخي في الله أوصيك ثانياً ببر الوالدين والإحسان إليهما
إن كانا على قيد الحياة، أو الدعاء لهم والترحم عليها إن كانا ميتين، فقد أمرنا الله بأعظم أمر وهو ألا نعبد إلا إياه، وقرن مع هذا الأمر الإحسان إلى الوالدين.. قال تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا ))
.. ألا يدل ذلك على عظم شأنهما. فاحرص حفظني الله وإياك على ألا تسمعهم إلا قولاً معروفاً، ولا تريهم إلا عملاً مرضياً حتى تنال أجر برّهما، ففي برّهما الثواب العظيم في الدنيا والآخرة.
أخي في الله أوصيك ثالثاً بالمحافظة على الصلوات وعدم تأخيرها عن وقتها
.
فيا ويل من قلل من شأنها ولم يعطها أي اهتمام
ألم تقرأ قول الحق سبحانه: ** فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ** [الماعون:5،4]، فهذا وعيد من فاطر السموات والأرض لمن سها فكيف بمن تركها والعياذ بالله؟! يقول الرسول صلي الله عليه وسلم :
** العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر **
فيا سوء حال من كفر لأنه مخلد في سقر
فاحرص أخي ولا تركن إلى الكسل ففي أداء الصلاة نشاط للأبدان وراحة للوجدان، وردّ لكيد الشيطان، وذلك لمن أداها حق الأداء. فهي صلة بين العبد وربه، ففيها يناجيه ويتذلل بين يديه، وبذلك من العذاب ينجيه، وبالجنان يجزيه أليس هذا مناك؟!..
نعم هذا مناي ومناك، فهلا حرصنا على عدم تأخيرها وفقني الله وإياك
أخي في الله أوصيك رابعاً بفعل الأوامر واجتناب النواهي وذلك فيما يحبه ويرضاه،
فهذه هي العبودية الخاصة، فبقدر تحقيقك للعبودية يكون قربك من الله. وأكمل الخلق تحقيقاً للعبودية هو نبيّنا وقدوتنا وخير هاد لنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. فكن أخي من أتباعه الصادقين الذي بيّن الله لنا بعض أوصافهم في كتابه الكريم، يقول المولى عز وجل: كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم
أخي في الله أوصيك خامساً بحفظ الفروج واللسان؛
فهما مفتاحان لكل الشرور، فمن ضمنهما ضمن له الرسول الجنة كما في الحديث: ** من يضمن لي ما بين فكيه وفخذيه أضمن له الجنة ** فاحرص رعاك الله على أن تكون من الوارثين الذين من وصافهم الله عزل وجل فى قوله وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:6،5]،
وإياك والاستهانة باللسان، يقول قدوتنا محمد صلي الله عليه وسلم :
** إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً **
فاحرص ألا تسخط الله وأنت لا تدري.. وتجنب الكذب وإياك إن كنت مازحاً، والغيبة والنميمة والسخرية وغيرها مما يسخط الله، وعوّد لسانك على الكلام الحسن من ذكر الله كما
قال الله عز وجل (( أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) [الرعد:28]،
وإن لم يكن ذلك ** قل خيراً أو اصمت ** فهذا العلاج الأمثل أعانني الله وإياك عليه
أخي في الله أوصيك سادساً بالإكثار من الأعمال الصالحات فبها يثقل الميزان،
فسوف يأتي عليك يوم تكون في حاجة إلى أن يثقل ميزانك، فاحرص أرشدك الله على ألا تضيع أوقاتك في المباحات فضلاً عن المحرمات، ولا تنظر إلى الدنيا بعين عجب فإن ما فيها سوف يزول، واجعل تفكيرك فيما أعدّ للمتقين من جنات وعيون، فالوقت يمضي وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت.
أخي في الله أوصيك سابعاً بالتفقه في الدين
وذلك بطلب العلم الشرعي فالعلم كثير والجهل كثير والوقت يسير؛ فبالعلم تعبد الله على بصيرة، وتسلم من البدع الصغيرة والكبيرة، وأول ما يجب عليك تعلمه وتفقهه هو كلام الله، فلم ينزل من السماء عبثاً وإنما كي نعلمه ونعمل به، ففيه دليل العبد إلى ما يحبه المعبود ويرضاه، وعليك بأهل العلم الراسخين الموثوق من علمهم وأمانتهم الموقعين عن رب العالمين، فاحرص لنيله تجد سبيلاً. أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً، ونسأله أن يجعله حجة لنا لا حجة علينا.
أخي في الله أوصيك ثامناً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة
فكن راحماً بالمذنبين مشفقاً على الغافلين؛ لأنهم اتبعوا خطوات الشيطان ولم يذوقوا حلاوة الإيمان، فأنت بهذا تدعوهم إلى سبيل المتقين، فهي وظيفة المرسلين وأفضلهم الذي أرسل رحمً للعالمين فكن مثله رحيماً، واعلم أن من الحكمة إنكار المنكر كبيراً كان أم صغيراً.
أخي في الله أوصيك تاسعاً بمصاحبة الأخيار الذين بمجالستهم يكثر زادك،
ويقوى إيمانك، وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر: الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، هؤلاء لا تعد عينك عنهم تريد الحياة الدنيا، وإياك إياك من مجالسة أهل الشر وإن كان منهم أخوك فلن تكسب منهم إلا الخسارة، وامتثل قول الحق سبحانه: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف:28.
أخي في الله أوصيك عاشراً بالاستعداد للموت وسكرته، والقبر وضمّته. والموقف وشدته، والصراط وزلته.
فكن أخي على استعداد تام في أي وقت كان فأمامك تلك الأهوال.. موت وسكرة كنت منها تحيد، وقبر وضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ، وموقف وشدة فيه
أخي في الله تذكر أنك ستقف بين يدي الله،
وستسأل عن كل عمل عملته صغيراً كان أم كبيراً، قال الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49]، سترى تلك الأعمال التي عملتها ولم تبال بنظر الله إليك إما إلى الجنة وما فيها من النعيم، وإما إلى النار وما فيها من العذاب المقيم، فعندها يندم المفرطون ويفرح المحسنون.. يا له من يوم عظيم يجب علينا أن نستعد له أيما استعداد وذلك بالتوبة النصوح والإكثار من الأعمال الصالحات.
نسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يظلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعل الجنة هي دارنا، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،، فالخذلان كما قال ابن القيّم أن يكلك الله إلى نفسك، نعوذ بالله من الخذلان.
منقول.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واّله وصحبه أجمعين
اللهم إنا نتوسل إليك بك ونقسم عليك بذاتك
أن ترحم وتغفروتفرج كرب معدها وقارئها ومرسلها وناشرها
وآبائهم وأمهاتهم وأن ترزقنا صحبة النبى فى الجنة ولا تجعل منا
طالب حاجه الآ أعطيته أياها فأنك ولى ذلك والقادر عليه وصلى
اللهم وسلم على حبيبك ونبيك محمد
أمين....